جاري تحميل ... ثقافة الشخصيات

إعلان الرئيسية

مقالات حديثة

إعلان في أعلي التدوينة

طارق بن زياد
 

  طارق بن زياد بن عبد الله فاتح الأندلس، وُلِد عام 50 ه ، نشأ في بيئة إسلاميّة عربيّة؛ حيث تعلَّم القرآن الكريم، وحفظ بعضاً من سُوَره، كما تعلَّم أحاديث النبيّ –عليه الصلاة و السلام-، وعلى الرغم من ذلك فقد كان مُحافظاً على لهجته الأمّ ، جُنِّد طارق بن زياد في جيش موسى بن نُصير، وكان من رجاله الأشدّاء، وهو يُعتبَر من أهمّ القادة العسكريّين الأمويّين ، وقد سُمِّي الجبل الواقع جنوب إسبانيا باسمه (جبل طارق)؛ تيمُّناً به.

بين من اعتبره عربيا قحا ومن نسبه إلى أمازيغ أفريقيا، اختلف المؤرخون الذين تناولوا حياة طارق ابن زياد في كتبهم، كابن عبد الحكم وابن خلدون والطبري وغيرهم، فمعظمهم لم يدلوا بتفاصيل دقيقة حول أصله ونشأته ومكان ولادته، ما خلق تضاربا بينهم حول هذا الموضوع، إذ أن كل واحد منهم اعتمد على معطيات معينة لتحديد أصول هذا القائد العسكري. 

حسب المؤرخين، فإن هذا التضارب في نسب طارق بن زياد راجع إلى كون الكتابة التاريخية في المغرب لم تكن قد تبلورت بعد في الحقبة التي عاش فيها هذا القائد، أي في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي). 

في هذا الصدد، أورد ابن عذارى المراكشي، في كتابه "البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب"، أن نسب طارق بن زياد هو "طارق بن زياد بن عبد الله بن لغو بن ورقجوم بن نير بن ولهاص بن يطوفت بن نفزاو"، ما يبين أنه ينتمي إلى قبيلة نفزاوة الأمازيغية، وبالضبط إلى عشيرة بني ونمو التي كانت تسكن جبل أوراس شمال شرق الجزائر.

يزيد ابن عذارى موضحا: "كان طويل القامة، ضخم الهامة، أشقر اللون، وتنطبق هذه الصفات على عنصر البربر". 

​​​ورغم التأكيد على أصله الأمازيغي، إلا أن ابن عذارى يؤكد علاقة طارق بن زياد أيضا مع العروبة منذ زمن طويل، والذي يظهر انطلاقا من اسم أبويه، زياد وعبد الله، ما يبين أنه نشأ في بيئة عربية إسلامية مع احتفاظه بلهجة أجداده الأمازيغية.

ابن خلكان أيضا كان واحدا ممن كتبوا عن أصول طارق بن زياد، إذ اعتبر أن هذا الأخير ذو نسب عربي قح، مرجعا أصوله إلى قبائل الصدف في حضر موت باليمن، حسب كتابه "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان".  

يُذكَر أنَّ طارق بن زياد كان يتمتَّع بصفات مميزة على ما يبدو، ومن هذه الصفات التي ذكرها الدكتور (محمد علي الصلابيّ) ما يلي:

 كان ذا بُنية جسديّة ضخمة، كان أيضاً صاحب قامة طويلة و كان أشقر اللون.

الجهاد

 شارك طارق بن زياد مع موسى بن نصير في فتوحاته الإسلاميّة، وقد أظهر مهارته في القتال، والقيادة بشكل لفت أنظار موسى بن نُصير إليه؛ ولذلك جعله يتولَّى قيادة مُقدِّمة الجيش في المغرب، واستطاعت جيوش موسى بن نُصير الوصول إلى المحيط الأطلسيّ، والسيطرة على المغرب الأقصى، واستمرَّ طارق بن زياد في فتوحاته إلى جانب موسى بن نُصير حتى وصلا إلى أهمّ المُدن في المغرب، وهي مدينة الحسيمة، فتمَّت مُحاصَرتها حتى أسلم أهلها، وبهذا يكون المغرب قد خضع لحُكم موسى بن نُصير عدا مدينة سبتة المُحصَّنة، وقد وُلِّي طارق بن زياد على طنجة؛ حتى يستطيع مُراقبة مدينة سبتة.

 فتح للأندلس

 أشار موسى بن نُصير على طارق بن زياد بفتح الأندلس بعد أن وجد فُرصة لدخولها، فتوجَّه مباشرة نحو جبل طارق في عام 92 للهجرة، واستطاع فتح حصن قرطاجنّة، وسيطر على المناطق التي كانت تُجاوِر جبل طارق، وعندما عَلِم لذريق حاكم الإقليم القوطيّ بما فعله طارق بن زياد، أرسل إليه الجيوش الواحد تلو الآخر، إلّا أنَّ طارقاً كان يقضي عليها نهائيّاً، وكانت المعركة الفاصلة بين المسلمين، والقوط في سهل الفلنتيرة في رمضان من نفس العام 92 للهجرة، واستمرَّت هذه المعركة لمُدَّة ثمانية أيّام، وكان بطلها هو طارق بن زياد.

كما تجدُر الإشارة إلى معركة وادي لكة، وهي إحدى المعارك المُهمّة التي خاضها طارق بن زياد لفتح الأندلس، والتي انتصر فيها المسلمون انتصاراً كبيراً، وفيها كانت نهاية ذِكر ملك القوط (لذريق)؛ إذ إنَّه فرَّ، ولم يجد أحدٌ أيَّ أثر له؛ فكان آخر ملوك القوط، وبعد أن انتهت معركة وادي لكة سار طارق، وجيشه باتّجاه الأندلس فاتحاً المُدن التي في طريقه، كطُليطلة، وغرناطة، ومالقة، وسار طارق بجيشه، وبمُساندة موسى بن نُصير حتى استطاع فتح الأندلس بصورة نهائيّة.

ومن الجدير بالذكر أنَّ مقولة: (البحر من خلفكم، والعدوُّ من أمامكم) نُسِبت إلى طارق بن زياد، إلّا أنَّ البعض قد نفى نسبة هذه المقولة إليه، وقالوا إنَّها ليست من أقواله، وهذه المقولة إنَّما نسبها المُستشرقون له؛ حتى يجدوا سبباً لهزيمتهم أمامه، ويُقنعوا الناس بأنَّ طارق بن زياد قد أرغم جنوده على القتال الذي لا مفرَّ منه، فلا تُوجَد سُفُن لهم حتى يعودوا، وإن أرادوا الحياة، والنجاة فما لهم سوى خوض هذه الحرب، وقد ذُكِر أنَّ ممَّا يُؤكِّد زُور هذه المقولة، ونسبها إلى طارق بن زياد، هو عدم ذِكرها في أمّهات الكُتب الإسلاميّة التاريخيّة، حيث إنَّها قد ذُكِرت في الكُتب الأوروبيّة فقط، وكذلك قصّة حَرْق طارق بن زياد للسُّفُن التي اجتاز بها المسلمون البحر، فقد ذكروا أنَّها قصّة كاذبة، وتمّ تبرير ذلك بأنَّ هذه السُّفُن ليست ملكاً خاصّاً للمسلمين، ولا يستطيع أيُّ مسلم التصرُّف بها، أو إتلافها، وحرقها.

إنسانيّته

 ظهرت إنسانيّة طارق بن زياد في العديد من المواقف، وفيما يلي ذِكرٌ لأهمّها:

قبول طارق بن زياد بأن يكون الرجل الثاني، وقناعته بذلك، وإقراره بأنَّ القائد هو موسى بن نُصير. وفاء طارق بعهوده؛ حيث ظهر ذلك بشكل واضح عند فتح الأندلس، فقد كان فتح الأندلس بمثابة إنقاذ لليهود الذين كانوا يتعرَّضون لمعاملة سيِّئة من قِبل القوط؛ حيث كان القوط يُجبرونهم على تعميد أطفالهم عند سنِّ السابعة من العمر، وتمَّت مُصادرة أملاكهم بعد اكتشاف مؤامرة اليهود ضِدَّهم. إعادة طارق بن زياد أموال الملوك إليهم، وهي التي كانت تُسمَّى ب(صفايا الملوك).

صِدْق طارق بن زياد في إعطاء المُدن أمانها حتى أخذها أصحابها بالحيلة؛ فهو لا يَنقُض عهداً قطعه أبداً.

وفاته

 تُوفِّي القائد المُجاهد طارق بن زياد عام 102 للهجرة على الأرجح، وقد انقطعت أخباره بعد وصوله إلى دمشق برفقة موسى بن نُصير، وقد اختلف المُؤرِّخون حول مصيره؛ حيث ذكر البعض أنَّه بقي دون أيِّ عمل منذ وصوله إلى دمشق، وحتى وفاته، وذكر البعض أنَّه سُجِن، وعُزِل في دمشق إلى أن تدخَّل الخليفة الوليد وأطلق سراحه.

ظهرت روايات أخرى حول مصير طارق بن زياد؛ حيث تحدَّث بعض المُؤرِّخين عن وجود خلاف بين موسى بن نُصير، وطارق بن زياد حول الغنائم التي أخذها الجيش، وقد ازداد هذا الخلاف حتى وصل إلى مسامع الخليفة الذي أمر باستدعائهما إلى دمشق؛ لحلِّ هذا الخلاف، ويُقال إنَّ طارق بن زياد آثر الابتعاد عن الأضواء مُتفرِّغاً لعبادة الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *